فصل: الإمام العلامة الفقيه عبد الرؤوف بن محمد السجيني

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ الجبرتي المسمى بـ «عجائب الآثار في التراجم والأخبار» **


 الإمام العلامة الفقيه النبيه شيخ الإسلام وعمدة الأنام

الشيخ عبد الرؤوف بن محمد بن عبـد الرحمـن بـن أحمـد السجينـي الشافعـي الأزهـري شيـخ الأزهر وكنيته أبو الجود أخذ عن عمه الشمـس السجينـي ولازمـه وبـه تخـرج وبعـد وفاته درس المنهج موضعه وتولى مشيخة الأزهر بعد الشيـخ الحفنـي وسـار فيهـا بشهامـة وصرامة إلا أنه لم تطل مدته وتوفي رابع عشر شوال وصلي عليه بالأزهر ودفن بجوار عمه بأعلى البستان واتفق أنه وقعت له حادثة قبل ولايته على مشيخـة الجامـع بمـدة وهـي التـي كانـت سببـًا لاشتهار ذكره بمصر وذلك أن شخصًا من تجار خان الخليلي تشاجر مع رجل خادم فضربه ذلك الخادم وفر من أمامه فتبعه هو وآخرون من أبناء جنسه فدخل إلى بيت الشيخ المترجم فدخل خلفه وضربه برصاصة فأصابت شخصًا من أقارب الشيخ يسمى السيد أحمد فمات وهرب الضارب فطلبوه فامتنع عليهم ونعصب معه أهل خطته وأبناء جنسه فاهتم الشيخ عبد الرؤوف وجمع المشايخ والقاضي وحضر إليهـم جماعـة مـن أمراء الوجاقلية وانضم إليهم الكثير من العامة وثارت فتنة أغلق الناس فيها الأسواق والحوانيت واعتصم أهل خان الخليلي بدائرتهم وأحاط الناس بهم من كل جهة وحضر أهل بولـاق وأهل مصر القديمة وقتل بين الفريقين عدة أشخاص واستمر الحال على ذلك أسبوعًا ثم حضـر علـي بـك أيضـًا وذلـك فـي مبـادي أمره قبل خروجه منفيًا واجتمعوا بالمحكمة الكبرى وامتلأ حوض القاضي بالغوغاء والعامة وانحط الأمر على الصلح وانفض الجمع ونودي في صبحهـا بالأمان وفتح الحوانيت والبيع والشراء وسكن الحال‏.‏

ومات الشيخ الصالح الخير الجواد أحمد بن صلاح الدين الدنجيهـي الدمياطـي شيـخ المتبوليـة والناظر على أوقافها كان رجلًا رئيسًا محتشمًا صاحب إحسان وبر ومكارم أخلـاق وكـان ظلًا ظليلًا على الثغر يأوي إليه الواردون فيكرمهم ويواجههم بالطلاقة والبشر التام مع الإعانة والإنعام ومنزله مجمع للأحباب ومورد لائتناس الأصحاب وتوفي يوم السبـت ثانـي عشـر ذي الحجة عن ثمانين سنة تقريباص‏.‏

ومـات الإمـام الفاضـل أحـد المتصدريـن بجامع بن طولون الشيخ أحمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن محمـد بـن عامـر العطاشـي الفيومـي الشافعـي كـان لـه معرفـة في الفقه والمعقول والأدب بغني أنه كان يخبر عن نفسه أنه يحفظ اثني عشر ألف بيت من شواهد العربية وغيرها وأدرك الأشياخ المتقدمين وأخذ عنهم وكان إنسانًا حسنًا منور الوجه والشيبة ولديه فوائد ونوادر مات في سادس جمادى الثانية عن نيف وثمانين سنة تقريبًا غفر الله له‏.‏

ومات الأمير خليل بك القازدغلي أصله من مماليك إبراهيك كتخدا القازدغلي وتقلد الإمارة والصنجقيـة بعـد مـوت سيـده وبعـد قتـل حسيـن بـك المعـروف بالصابونجـي وظهـر شأنـه فـي أيام علي بـك الغزاوي وتقلد الدفتر دارية ولما سافر علي بك أميرًا بالحج في سنة ثلاث وسبعين جعله وكيـلًا عنـه فـي رياسـة البلـد ومشيختهـا وحصـل مـا حصـل مـن تعصبهـم علـى علي بك وهروبه إلى غـزة كمـا تقـدم وتقلبـت الأحـوال فلمـا نفـي علـي بـك جن في المرة الثانية كان هو المتعين للإمارة مع مشاركة حسين بك كشكش فلما وصل علي بك وصالح بك على الصورة المتقدمة هرب المترجم مع حسين بك وباقي جماعتهم إلى جهة الشام ورجعوا في صورة هائلة وجرد عليهم علي بك وكانت الغلبة لهم على المصريين فلم يجسروا على الهجوم كما فعل علي بك وصالح بك‏.‏

فلو قدر الله لهم ذلك كان هو الرأي فجهز علي بك على الفور تجريدة عظيمة وعليهم محمـد بـك أبـو الذهـب وخشداشينـه فخرجـوا لهـم وعـدوا خلفهـم ولحقوهـم إلى طندتا فحاصروهم بها وحصل ما حصل من قتل حسين بك ومن معه والتجأ المترجم إلى ضريح سيدي أحمد البدوي فلم يقتلوه إكرامًا لصاحب الضريح‏.‏

وأرسل محمد بك يخبر مخدومه ويستشيره في أمره فأرسـل غليـه بتأمينـه وإرسالـه إلـى ثغـر سكندريـة ثم أرسل بقتله فقتلوه بالثغر خنقًا ودفن هنا‏.‏

وكان أميرًا جليلًا ذا عيل ورياسة وأما الظلم فهو قدر مشترك في الجميع‏.‏

ومات أيضًا الأمير حسين بك كشكش القازدغلي وهو أيضًا من مماليك إبراهيم كتخدا وهو أحـد مـن تآمـر فـي حياة أستاذه وكان بطلًا شجاعًا مقدامًا مشهورًا بالفروسية وتقلد إمارة الحج أربـع مـرات آخرهـا سنـة 1176 ورجع أوائل سنة 1177 ووقع له مع العبر ما تقدم الالماع به في الحوادث السابقة وأخافهم وهابوه حتى كانوا يخوفـون بذكـره أطفالهـم وكذلـك عربـان الأقاليـم المصرية‏.‏

وكان أسمر جهوري الصوت عظيم اللحيـة يخالطهـا الشيـب يميـل طبعـه إلـى المـزاح والخدعة وإذا لم يجد من يمازجه في حال ركوبه وسيره مازح سواسه وخدمه وضاحكهم‏.‏

وسمعتـه مـرة يقـول لبعضهـم مثـلًا سائـرًا ونحـو ذلـك‏.‏

وكـان له ابن يسمى فيض الله كريم العين فكان يكنـى بـه‏.‏

قتـل المترجـم بطندتـا وأتـى برأسـه إلـى مصـر كما تقدم ودفن هناك وقبره ظاهر مشهور ودفن أيضًا معه مملوكه حسن بك شبكة وخليل بك السكران وكانا أيضًا يشبهان سيدهما في الشجاعة والخلاعة‏.‏

ومات الأمير الكبير الشهير صالح بك القاسمي وأصله مملوك مصطفى بك المعروف بالفرد ولما مات سيده تقلد الإمارة عوضه وجيش عليه خشداشينه واشتهر ذكره وتقلد إمارة الحج في سنـة 1172 كما تقدم في ولاية علي باشا الحكيم وسار أحسن سير ولبسته الرياسة والإمارة والتزم ببلاد أسيـاده وإقطاعاتهـم القبليـة هـو وخشداشينـه وأتباعهـم وصـار لهـم نمـاء عظيـم وامتزجوا بهوارة الصعيد وطباعهم ولغتهم ووكله شيخ العرب همام في أموره بمصر وأنشأ داره العظيمة المواجهة للكبش ولم يكن لها نظير بمصر‏.‏

ولما نما أمر علي بك ونفي عبد الرحمن كتخـدا إلـى السويـس كـان المترجـم هـو المتسفـر عليـه وأرسـل خلفـه فرمانـًا بنفيـه إلى غزة ثم نقل منها إلـى رشيـد ثـم ذهـب مـن هنـاك إلـى الصعيـد من ناحية البحيرة وقام بالمنية وتحصن بها وجرى ما جرى من توجيه المحاربين إليه وخروج علي بك منفيًا وذهابه إلى قبلي وانضمامه إلى المذكور كما تقدم بعد الأيمان والعهود والمواثيق وحضوره معه إلى مصر على الصورة المذكورة آنفًا وقد ركـن إليـه وصـدق مواثيقـه ولـم يخرج عن مزاجه ولا ما يأمر به مثقال ذرة وباشر قتال حسين بك كشكـش وخليـل بـك ومـن معهمـا مـع محمـد بـك كمـا ذكر آنفًا كل ذلك في مرضاة علي بك وحسن ظنه فيه ووفائه بعهده إلى أن غدر به وخانه وقتله كما ذكر‏.‏

وخرجت عشيرته وأتباعه من مصـر علـى وجوههم منهم من ذهب إلى الصعيد ومنهم من ذهب إلى جهة بحري‏.‏

وكان أميرًا جليـلًا مهيبـًا ليـن العريكـة يميـل بطبعـه إلـى الخيـر ويكـره الظلـم سليـم الصـدر ليـس فيه حقد ولا يتطلع لما في أيدي الناس والفلاحين ويغلق ما عليه وعلى أتباعه وخشداشينه من المال والغلا الميرية كيلًا وعينًا سنة بسنة وقورًا محتشمًا كثير الحياء وكانت إحدى ثناياه مقلوعة فإذا تكلم مع أحـد جعـل طـرف سبابتـه على فمه ليسترها حياء من ظهورها حتى صار ذلك عادة له‏.‏

ولما بلـغ شيـخ العـرب همـام موتـه اغتـم عليـه غمـًا شديـدًا وكـان يحبـه محبة أكيدة وجعله وكيله في جميع مهماته وتعلقاته بمصر ويسدد له ما عليه من الأموال الميرية والغلال‏.‏

ولما قتل الأمير صالح بك أقام مرميًا تجاه الفرن الذي هناك حصة ثم أخذوه في تابوت إلى داره وغسلوه وكفنوه ودفنوه بالقرافة رحمه الله‏.‏

ومات وحيد دهره في المفاخر وفريد عصره في المآثر نخبة السلالة الهاشمية وطراز العصابة المصطفوية السيد جعفر بن محمد البيتي السقاف باعلوي الحسيني أديب جزيرة الحجاز ولد بمكة وبها أخذ عن النخلي والبصري وأجيز بالتدريس فدرس وأفاد‏.‏

واجتمع إذ ذاك بالسيد عبد الرحمن العيدروس وكل منهما أخذ عن صاحبه وتنقلت به الأحوال فولي كتابة الينبع ثم وزارة المدينة وصار إمامًا في الـأدب يشـار إليـه بالبنـان وكلامـه العـذب يتناقلـه الركبـان ولـه ديـوان شعـر جمعـه لنفسـه ولـه مدائـح وقصائد وغزليات كلها غرر محشوة بالبلاغة تدل على غزارة علمه وسعة اطلاعه‏.‏

توفي بهذه السنة بالمدينة المنورة‏.‏

سنة ثلاث وثمانين ومائة وألف فيها في المحرم أخرج علي بك عثمان أغا الوكيل من مصر منفيًا إلى جهة الشام وكذلك أحمد أغـا أغـات الجوالـي وأغـات الضربخانـة إلـى جهـة الـروم‏.‏

وكان أحمد أغا هذا رجلًا عظيمًا ذا غنية كبيرة وثروة زائدة فصادره علي بـك فـي مالـه وأمـره بالخـروج مـن مصـر فأحضـر المطربازيـة والدلالين والتجار وأخرج متاعه وذخائره وباعها بسوق المزاد بينهم فبيع موجـوده مـن أمتعـة وثياب وجواهر وتحف وأسلحة وكتب وأشياء نفيسة وهو ينظر إليها ويتحسر ثم سافر إلى جهة الإسكندرية‏.‏

وفيهـا توفي محمد باشا الذي كان بقصر عبد الرحمن كتخدا بشاطئ النيل ولعله مات مسمومًا ودفـن بالقرافة الصغرى عند مدافن الباشوت بالقرب من الإمام الشافعي‏.‏

ونزل الحج ودخل إلى مصـر مـع أميـر الحـاج خليـل بـك بلغيـا فـي أمـن وأمـان‏.‏

ووصـل باشـا مـن طريـق البر وطلع الأمراء إلى العادلية لملاقاته ونصبوا خيامهم ودخل بالموكب وذلك في شهر صفر‏.‏

وفيها أرسل علي بك تجريدة إلى سويلم بن حبيب والهنادي بالبحيرة ثم نقلها منها إلى المحلة الكبرى فأقام سنين‏.‏

وفيها أرسل علي بك تجريدة إلى سويلم بن حبيب والهنادي بالبحبر وباش التجريدة اسمعيل بـك وذلك أن ابن حبيب لما رحل من دجوة وذهب إلى البحيرة وانضم إلى عبر الهنادي وكان المتولـي علـى كشوفيـة البحيـرة عبـد اللـه بك تابع علي بك فحاربوه وحاربهم حتى قتل عبد الله بك المذكور في المعركة ونهبوا متاعه ووطاقه وكان أحمد بك بشناق لما خرج من مصر هاربًا بعـد قتل صالح بك كما تقدم ذهب إلى الروم فصادف هناك جماعة من الهربانين ومنهم يحيى السكري وعلي أغا المعمار وعلي بك الملط وغيرهم وزيفوا بسبب المغرضين لعلي بك بدار السلطنة فنزلوا في مركبين إلى درنه فوصلوها متفرقين‏.‏

فالتي وصلت أولًا بها يحيى السكري وعلي المعمار والملط فركبوا عندما وصلوا إلى درنه وذهبوا إلى الصعيـد ووصلـت المركـب الأخرى بعد أيام وبها أحمد بك بشناق فطلع إلى عند الهنادي‏.‏

فلما وصل اسمعيل بك ومن معـه بالتجريـدة فتحاربـوا مـع الحبايبـة والهنادي ومعهم أحمد بك بشناق ثلاثة أيام وكان سويلم بن حبيـب منعـزلًا فـي خيمـة صغيـرة عنـد امـرأة بدويـة بعيدًا عن المعركة فذهب بعض العرب وعرف الأمراء بمكانه فكبسوه وقتلوه وقطعوا رأسه ورفعوها على رمح واشتهر ذلك‏.‏

فارتفع الحرب مـن بيـن الفريقيـن وتفـرق الهنـادي وعـرب الجزيـرة والصوالحة وغيرهم وراحت كسرة على الجميع ولم يقم لهم قائم من ذلك اليوم‏.‏

وتغيب أحمد بك بشناق فلم يظهر إلا بعد مدة ببلاد الشام‏.‏

وفيهـا تقلـد أيوب بك على منصب جرجا وخرج مسافرًا ومعه عدة كبيرة من العساكر والأجناد فوصلوا إلى قرب أسيوط فوردت الأخبار باجتماع الأمراء المنفيين وتملكهم أسيوط وتحصنهم بهـا وكـان مـن أمرهـم أنـه لمـا ذهـب محمـد بـك أبو الذهب إلى جهة قبلي لمنابذة شيخ العرب همام كما تقدم وجرى بينهما الصلح على أن يكون لهمام من حدود برديس وتم الأمر على ذلك ورجـع محمـد بـك إلـى مصـر أرسـل علـي بـك يقـول له‏:‏ إني أمضيت ذلك بشرط أن تطرد المصريين الذين عندك ولا تبقي منهم أحدًا بدائرتك‏.‏

فجمعهم وأخبرهم بذلك وقال لهم‏:‏ اذهبوا إلى أسيـوط واملكوهـا قبل كل شيء فإن فعلتم ذلك كان لكم بها قوة ومنعة وأنا أمدكم بعد ذلك بالمال والرجال فاستصوبوا رأيه وبادروا وذهبوا إلى أسيوط وكان بها عبد الرحمن كاشف من طرف علي بك وذو الفقار كاشف وقد كانوا حصنـوا البلـدة وجهاتهـا وبنـوا كرانـك والبوابـة ركب عليها المدافع فتحيل القوم ليلًا وزحفوا إلى البوابة ومعهم أنخاخ وأحطاب جعلوا فيها الكبريت والزيت وأشعلوها وأحرقوا الباب وهجموا على البلدة فلم يكن له بهم طاقة لكثرتهم وهم جماعة صالح بك وباقي القاسمية وجماعة الخشاب وجماعة الفلاح وجماعة مناو ويحيى السكـري وسليمـان الجلفـي وحسـن كاشف ترك وحسن بك أبو كرش ومحمد بك الماوردي وعبد الرحمن كاشف من خشداشين صالح بك وكان من الشجعان ومحمد كتخدا الجلفي وعلي بك الملط تابع خليل بك وجماعة كشكش وغيرهم ومعهم كبار الهوارة وأهالي الصعيد‏.‏

فملكوا أسيوط وتحصنوا بها وهرب من كان فيها ووردت الأخبار بذلك إلى علي بك فعين للسفر إبراهيم بلغيا ومحمد بك أبا شنب وعلي بك الطنطاوي ومـن كـل وجـاق جماعـة وعساكـر ومغاربة وأرسل إلى خليل بك القاسمي المعروف بالأسيوطـي فأحضـره مـن غـزة وطلـع هـو وإبراهيـم بـك تابـع محمـد بـك بعساكـر أيضـًا وعـزل الباشـا وأنزلـه وحبسـه ببيت أيواظ بك عند الزير المعلـق ثـم سافـر محمـد بـك أبو الذهب ورضوان بك وعدة من الأمراء والصناجق وضم إليهم ما جمعه وجلبه من العساكر المختلفة الأجناس من دلاة ودروز ومتاولة وشوام‏.‏

وسافر الجميع برًا وبحـرًا حتـى وصولـوا إلى أيوب بك وهو يرسل خلفهم في كل يوم بالإمداد والجبخانات والذخيرة والبقسماط وذهب الجميع إلى أن وصلوا قرب أسيوط ونصبوا عرضيهم عند جزيرة منقباط وتحققوا وصول محمد بك ومن معه وفرحوا بذلك لأنهم كانوا رأوا في زايرجات الرمل سقوطه فـي المعركـة‏.‏

ثـم أجمعـوا رأيهم على أن يدهموهم آخر الليل فركبوا في ساعة معلومة وسار بهم الدليـل فـي طـوق الجبـل وقصـدوا النـزول مـن محـل كذا على ناحية كذا من العرضي فتاه وضل بهم الدليل حتى تجاوزوا المكان المقصود بساعتين وأخذوا جهة العرضي فوجدوه قبليهم بذلـك المقدار وعلموا فوات القصد وأن القوم متى علموا حصلوهم خلفهم ملكوا البلدة من غير مانع قبـل رجوعهـم من المكان الذي أتوا منه فما وسعهم إلا الذهاب إليهم ومصادمتهم على أي وجه كان فلم يصلوهم إلا بعد طلوع النهار‏.‏

وتيقظ القوم واستعدوا لهم فالتطموا معهم وهم قليلون بالنسبـة إليهم ووقع العرب واشتد الجلاد وبذلوا جهدهم في الحرب ويصرخ الكثير منهم بقوله‏:‏ أين محمد بك فبرز إليهم محمد بك أبو شنب وهو يقول‏:‏ أنا محمد بك‏.‏

فقصدوه وقاتلـوه وقاتلهـم حتـى قتـل وسقـط جـواد يحيى السكري فلم يزل يقاتل ويدافع حصة طويلة حتى تكاثروا عليه وقتلوه وعبد الرحمن كاشف القاسمي يحارب بمدفع يضربه وهو علـى كتفـه‏.‏

وانجلـت الحرب عن هزيمتهم ونصرة المصريين عليهم وذلك عند جبانة أسيوط‏.‏

فتشتتوا في الجهات وانضموا إلى كبار الهوارة وملك المصرين أسيوط ودفنوا القتلى ومحمد بك أبا شنب‏.‏

واغتم محمد بك أبو الذهب لموته وفرح لوقوع الزايرجة عليه ومفاداته له لأنه كان يعلم ذلك أيضًا‏.‏

وأقامـوا بأسيـوط أيامـًا ثـم ارتحلـوا إلـى قبلـي بقصـد محاربـة همـام والهوارة‏.‏

واجتمع كبار الهوارة مع من انضم إليهم من الأمراء المهزومين فراسل محمد بك اسمعيل أبا عبد الله وهو ابن عم همام واستمالـه ومنـاه وواعده برياسة بلاد الصعيد عوضًا عن شيخ العرب همام حتى ركن إلى قوله وصـدق تمويهاتـه وتقاعـس وتثبـط عـن القتـال وخذل طوائفه‏.‏

ولما بلغ شيخ العرب همام ما حصل ورأى فشل القوم خرج من فرشوط وبعد عنها مسافة ثلاثة أيام ومات مكمودًا مقهورًا ووصل محمـد بـك ومـن معـه إلـى فرشـوط فلم يجدوا مانعًا فملكوها ونهبوها وأخذوا جميع ما كان بدوائر همام وأقاربه وأتباعه من ذخائر وأمـوال وغلـال‏.‏

وزالـت دولـة شيـخ العـرب همـام مـن بلـاد الصعيـد مـن ذلـك التاريـخ كأنهـا لـم تكن ورجع الأمراء إلى مصر ومحمد بك أبو الذهب وصحبته درويـش ابن شيخ العرب همام‏.‏

فإنه لما مات أبوه وانكسر ظهر القوم بموته وعلموا أنهم لا نجاح لهـم بعـده أشـاروا علـى ابنـه بمقابلـة محمـد بـك وانفصلـوا عنـه وتفرقـوا في الجهات‏.‏

فمنهم من ذهب إلـى درنـه ومنهـم مـن ذهـب إلـى الروم ومنهم من ذهب إلى الشام‏.‏

وقابل درويش بن همام محمد بك وحضر صحبته إلى مصر وأسكنه في مكان بالرحبة المقابلة لبيته وصار يركب ويذهب لزيارة المشاهد ويتفرج على مصر ويتفرج عليه الناس ويعدون خلفه وأمامه لينظروا ذاته‏.‏

وكان وجيهًا طويلًا أبيض اللون أسود اللحية جميل الصورة ثم أن علي بـك أعطـاه بلـاد فرشـوط والوقـف بشفاعهـة محمـد بـك وذهـب إلـى وطنه فلم يحسن السير والتدبير وأخذ أمره في الانحلال وحاله في الاضمحال وأرسل من طالبه بالأموال والذخائر فأخذوا ما وجدوه‏.‏

وحضر إلى مصر والتجأ إلى محمد بك من مصر مغاضبًا لأستاذه فلحق به وسافر إلى الصعيد وخلص الإقليم المصري بحري وقبلي إلى علي بك وأتباعه فشرع في قتل المنفيين الذين أخرجهم إلى البنادر مثل دمياط ورشيد والإسكندرية والمنصورة فكان يرسل إليهم ويخنقهم واحدًا واحد فخنق علي كتخدا الخربطلـي برشيـد وحمـزة بـك تابـع خليـل بـك بزفتـا وقتلـوا معـه سليمـان أغـا الوالـي واسمعيل بك أبا مدفع بالمنصورة وعثمان بك تابع خليل بك هرب إلى مركب البيليك فحماه وذهب إلى اسلامبول ومات هناك ونفى أيضـًا جماعـة وأخرجهـم مـن مصـر وفيهـم سليكـان كتخـدا المشهـدي وإبراهيـم أفنـدي جمليـان‏.‏

ومـات الباشا المنفصل بالبيت الذي نزل فيه ولحق بمن قبله‏.‏

وممـا اتفـق أن علـي بك صلى الجمعة في أوائل شهر رمضان بجامع الداودية فخطب الشيخ عبد ربـه ودعـا للسلطـان ثـم دعـا لعلـي بـك‏.‏

فلمـا انقضـت الصلاة وقام علي بك يريد الانصراف أحضر الخطيـب وكـان رجـلًا من أهل العلم يغلب عليه البله والصلاح فقال له‏:‏ من أمرك بالدعاء باسمي على المنبر أقيل لك أني سلطان فقال‏:‏ نعم أنت سلطان وأنا أدعو لك‏.‏

فأظهر الغيظ وأمر بضربه فبطحوه وضربوه بالعصي فقام بعد ذلك متألمًا من الضرب وركب حمارًا وذهب إلى من مات في هذه السنة من العلماء والأمراء مات الإمام الوالي الصالح المعتقد المجذوب العالم العامل الشيخ علي ابن حجازي بـن محمـد البيومي الشافعي الخلوتي ثم الأحمدي ولد تقريبًا سنة 1108 حفظ القرآن في صغره وطلب العلم وحضر دروس الأشياخ وسمع الحديث والمسلسلات على عمر بن عبد السلام التطاوني وتلقـن الخلوتيـة من السيد حسين الدمرداش العادلي وسلك بها مدة ثم أخذ طريق الأحمدية عن جماعـة ثم حصل له جذب ومالت إليه القلوب وصار للناس فيه اعتقاد عظيم‏.‏

وانجذبت إليه الأرواح ومشى كثير من الخلق على طريقته وأذكاره وصار له أتبـاع ومريـدون وكـان يسكـن الحسينيـة ويعقـد حلـق الذكـر فـي مسجـد الظاهـر خـارج الحسينيـة وكان يقيم به هو وجماعته لقربه من بيته وكـان ذا واردات وفيوضـات وأحوالـه غريبـة‏.‏

وألـف كتبـًا عديـدة منهـا شـرح الجامـع الصغيـر وشـرح الحكم لابن عطاء الله السكندري وشرح الإنسان الكامل للجيلي وله مؤلف في طريق القوم خصوصًا في طريق الخلوتية الدمرداشية ألفه سنة 1144 وشرح الأربعين النووية ورسالـة فـي الحـدود وشـرح علـى الصيغـة الأحمديـة وشـرح علـى الصيغـة المطلسمـة ولـه كلـام عال في التصوف وإذا تكلم أفصح في البيان وأتى بما يبهر الأعيان وكان يلبس قميصًا أبيض وطاقية بيضـاء ويعتـم عليهـا بقطعـة شملـة حمراء لا يزيد على ذلك شتاء ولا صيفًا وكان لا يخرج من بيته إلا في كل أسبوع مرة لزيارة المشهد الحسيني وهو على بغلة وأتباعه بين يديه وخلفه يعلنون بالتوحيد والذكر وربما جلس شهورًا لا يجتمع بأحد من الناس‏.‏

وكانت كرامات ظاهرة‏.‏

ولما كـان يعقـد الذكـر بالمشهـد الحسينـي فـي كـل يـوم ثلاثـاء ويأتـي بجماعتـه علـى الصفة المذكورة ويذكرون فـي الصحـن إلـى الضحـوة الكبـرى قامـت عليه العلماء وأنكروا ما يحصل من التلوث في الجامع من أقدام جماعته إذ غالبهم كانوا يأتـون حفـاة ويرفعـون أصواتهـم بالشـدة وكـاد أن يتـم لهـم منعـه بواسطـة بعـض الأمـراض فانبرى لهم الشيخ الشبراوي وكان شديد الحب في المجاذيب وانتصر له وقـال للباشـا والأمـراء‏:‏ هـذا الرجـل مـن كبـار العلمـاء والأولياء فلا ينبغي التعرض له‏.‏

وحينئذ أمره الشيـخ بـأن يعقـد درسـًا بالجامـع الأزهـر فقـرأ فـي الطيبرسيـة الأربعين النووية وحضره غالب العلماء وقـرر لـه مـا بهـر عقولهـم فسكتـوا عنـه وخمـدت نـار الفتنـة‏.‏

ومـن كلامـه في آخر رسالة الخلواتية ما نصـه‏:‏ فمـن منـن اللـه علـي وكرمـه أنـي رأيـت الشيـخ دمـرداش فـي السمـاء وقـال لـي لا تخف في الدنيا ولا في الآخرة وكنت أرى النبي صلى اللـه عليـه وسلـم فـي الخلـوة فـي المولـد فقـال لـي فـي بعـض السنيـن لا تخـف فـي الدنيـا ولا فـي الآخـرة ورأيتـه يقـول لأبـي بكـر رضـي اللـه عنه اسع بنا نطل على زاوية الشيـخ دمـرداش وجـاءا حتـى دخـلا فـي الخلـوة ووقفـا عنـدي وأنـا أقـول اللـه اللـه وحصـل لـي فـي الخلوة وهم في رؤيـة النبـي صلـى اللـه عليـه وسلـم فرأيـت الشيـخ الكبيـر يقـول لـي عنـد ضريحـه مـد يـدك إلـى النبي صلى الله عليه وسلم فهو حاضر عندي‏.‏

ورأيته في خلوة الكردي يعني الشيخ شرف الدين المدفون بالحسينية بين اليقظة والنوم وأنا جالس فانتبهـت فرأيـت النـور قـد مـلأ المحـل فخرجت منها هائمًا فحاشني بعـض مـن كـان فـي المحـل فوقفـت عنـد الشيـخ ولـم أقـدر علـى العـود إلـى الخلـوة مـن الهيبـة إلـى آخـر الليـل‏.‏

وتبسـم فـي وجهـي مـرة وأعطانـي خاتمـًا وقـال لـي والـذي نفسـي بيـده فـي غد يظهر ما كان مني وما كان منك‏.‏

ومن كراماته أنه كان يتوب العصاة من قطاع الطريق ويردهم عن حالهم فيصيرون مريدين له وذا سمعته من الثقات ومنهم من صار من السالكين وكان تارة يربطهم بسلسلة عظيمة من حديد في عمدان مسجد الظاهر وتارة بالشوق في رقبتهم يؤدبهم بما يقتضيه رأيه‏.‏

وكان إذا ركب ساروا خلفه بالأسلحة والعصي وكانت عليه مهابة الملوك وإذا ورد المشهد الحسيني يغلب عليه الوجد في الذكر حتى يصير كالوحش النافر في غاية القوة فإذا جلس بعد الذكر تراه في غاية الضعف‏.‏

وكان الجالس يرى وجهه تارة كالوحش وتارة كالعجل وتارة كالغزال‏.‏

ولما كان بمصر مصطفى باشا مال إليه واعتقده وزاره فقال له‏:‏ إنك ستطلب إلى الصدارة في الوقت الفلاني فكان كما قال له الشيخ‏.‏

فلما ولي الصـدارة بعـث إلـى مصـر وبنى له المسجد المعروف به بالحسينية وسبيلًا وكتابًا وقمة وبداخلها مدفن للشيخ علي على يد الأمير عثمان أغا وكيل دار السعادة ولمـا مـات خرجـوا بجنازتـه وصلي عليه بالأزهر في مشهد عظيم ودفن بالقبر الذي بني له بداخل القبة بالمسجد المذكور‏.‏

ومـات علامـة وقته وأوانه الآخذ من كمية البلاغة بعنانه الولي الصوفي من صفا فصوفي الشيخ حسـن الشيبينـي ثـم الفوي رحل من بلدته فوة إلى الجامع الأزهر فطلب العلم وأخذ عن الشيخ الديربـي فجعلـه ممليـًا عليـه في الدرس حتى قرأ الأشموني والمختصر ونحو ذلك وأخبر عن نفسه كان ملازمًا لولي من أولياء الله تعالى فحين تعلقت نفسه بالمجيء إلى الجامع الأزهر توجه مع هذا الولي لزيارة ثغر دمياط‏.‏

ثم اشتغل بالفقه وغيره من أصول ومنطق ومعان وبيان وتفسير وحديث وغير ذلك حتى فاق على أقرانه وصار علامة زمانه‏.‏

ثم أخذ عن الشيخ الحفني الطريق وتلقن الأسماء وسار على حسب سلوكه وسيره وألبسه التاج وأجازه بأخـذ العهـود والتلقين والتسليك وصـار خليفـة محضـًا فـأدار مجالـس الأذكـار ودعـا النـاس إليهـا فـي سائـر الأقطـار وفتـح الله عليه باب العرفان حتى صار ينطق بأسرار القرآن ويتكلم في الحقائق‏.‏

نقل عن الشيخ الحفني أنه ورد عليه منه مكتوب فقال‏:‏ الحمد لله الذي جعل في أتباعه من هو كمحيي الدين ابن العربي‏.‏

توفي رحمه الله تعالى في هذه السنة‏.‏

وخلف ولده السيد أحمد موجـود في الإحياء بارك الله فيه‏.‏

وممن أخذ عنه صاحبنا العمدة العلامة الصالح السيد علي ومات الجنـاب المبجـل الفريـد الكاتـب الماهـر المنشـئ البليـغ المجيـد محمـد أفنـدي بـن اسمعيـل السكندري العارف بالألسنة الثالثة العربية والفارسية والتركية وكـان لديـه محـاورات ولطائـف أدبيـة وميـل شديـد إلـى علـم اللغـة وبحث عن الأدوات المتعلقة به ورسائله في الألسن الثلاثة غاية في الفصاحة مع حسن حظ ووفور حظ ومهابة عند الأمراء وقبول عند الخواص ووالده كان إسرائيليًا فأسلم وحسن إسلامه وتولى مناصب جليلة بالثغر وله هناك شهرة فولد هذا هناك وهذبه وأدبه حتى صار إلى ما صار واستقر بمصر وما زالت له أملاك هناك وقرابة رايته يأتـي لزيـارة الشيـخ الوالـد وقـد اكتهـل وتناهـى فـي السـن وأبقـى الدهر في زواياه خبايا مستحسنة‏.‏

ورأيـت بخـط يـده كتـاب بهارستـان لمولانا جامي قدا حسن في كتابته وأتقن في سياقه ومجموعًا فيـه النـوادر مـن أشعـار الألسـن الثلاثـة‏.‏

وبالجملـة لـم يكـن فـي عصـره مـن يدانيـه في الفنون التي كان تجمـل بهـا‏.‏

وقـد ذكـره الأديب الشيخ عبد الله الأدكاري في بضاعة الأريب وأثنى على محاسنه وكانت بينهما ألفة تامة ومصافاة ومصادقة ومحاورات أدبية‏.‏

فإن المترجم كان أوحد عصره ووحيـد مصـره لـم يدانيـه فـي مجموعـة الفضائـل أحـد ولـم يـزل حميد المسعى جميل السيرة بهيًا وقورًا مهيبًا عند الأمراء والوزراء حتى وافاه الحمام في يوم الجمعة حادي عشر المحرم من السنة‏.‏

ومات الأستاذ العارف سيدي علي بن العربي بن علي بن العربي الفاسي المصري الشهير بالسقـاط ولـه بفـارس وقـرأ علـى والـده وعلى العلامة محمد ابن أحمد بن العربي بن الحاج الفاسي سمـع منـه الأحيـاء جميعـًا بقـراءة ولـد عمـه النبيـه الكاتـب أبـي عبـد اللـه محمـد بـن الطيـب بـن محمد بن علي السقاط وعلى ولده أبي العباس أحمد بن محمد العربي ابن الحاج ولما ورد مصر حاجًا لازمه فقرأ عليه بلفظه من الصحيح إلى الزكاة والشمايل بطرفيه بالجامـع الأزهـر وكثيـرًا مـن المسلسلات والكتب التـي تضمنتهـا فهرسـت ابـن غـازي قـراءة بحـث وتفيهـم وأجـازه حينئـذ بأواسط جمادى الثانية سنة 1143 وجاور بمكة فسمع على البصري الصحيح كاملًا ومسلمًا بفوت وجميع الموطأ رواية يحيى بن يحيى وذلك خلف المقام المالكي عند باب إبراهيم وأجازه وعلى النخلي الفيومي أوائل البخاري وعلى أحمد بن أحمد الغرقاوي وأجازه وعلى عمر بن عبد السلام التطاوني جميع الصحيح وقطعة من البيضاوي بجامع الغوري سنة 1136 وجميع المنح البادية في الأسانيد العالية وأضافه على الأسوديـن وشابكـه وصافحـه وناولـه السبحـة وأجازه بسائر السلسلات وعلى محمد القسطنيطيني رسالة ابن أبي زيد برواق المغاربة وعلى محمد بن زكري شرحه على الحكم بجامع الغوري وعلى سيدي محمد الزرقاني كتاب الموطأ من باب العتق إلى آخره وأجازه به يوم ختمه وذلك ثامن شعبان سنة 1113‏.‏

وروى حديث الرحمة عن سيدي السيد مصطفى البكري في سنـة 1160 وأجـازه ابـن الميـت فـي العمـوم واجتمـع بـه شيخنـا السيـد مرتضـى فـي منـزل السيـد علـي المقدسـي وكان قد أتى إليه لمقابلة المنح البادية على نسخته وشاركهما في المقابلة وأحبه وباسطه وشافهه بالإجازة العامة وكان إنسانًا مستأنسـًا بالوحدة منجمعًا عن الناس محبًا للانفراد غامضًا ولا زال كذلك حتى توفي في أواخر جمادى الأولى سنة 1183 ودفن بالزاوية بالقرب من الفحامين‏.‏ ومات